مطلق بن مشرف بن شنان
فجعت ميادين الفروسية صباح الأربعاء بنبأ وفاة الشيخ مطلق بن مشرف القحطاني، الرجل الذي ارتبط اسمه بكل ما هو أصيل في عالم الخيل، برحيله لا يغيب اسم، بل تغيب مرحلة من الوفاء والإتقان، قلّ نظيرها، وفيما يلي المزيد من التفاصيل.
من قلب حلبان في نجد، وُلد مطلق وسط خيول لا تعرف سوى الكرامة، وتأثر بشخصية والده التي طبعت في ذاكرته معنى الفروسية الحقيقية، ورث الحُب، ونقله لآلاف الفرسان من بعده.
قاد الإسطبلات وكأنها سُفن تراث تمخر عباب الزمن، وحرص على أن تكون الخيول رمزًا ثقافيًا، وليست فقط رياضة. دعم الشباب، وتقدّم بخطى ثابتة في المحافل الدولية، وكان دائمًا قريبًا من جوهر الفروسية، لا من مظاهرها.
بعد صراع مع المرض، انتقل إلى جوار ربه، وشيّعه الأحبة إلى مثواه الأخير والرياض ودّعت اليوم فارسها، لكن الميادين ما زالت تردد صهيل وفائه.
عبارات النعي جاءت كأنها أبيات شعر.. كل فارس كتب بدمعة حنين، وكل إسطبل نكس رايته احترامًا لمن أعطى بلا حدود، وسيعيش مطلق القحطاني في كل فارس مدرّب، وكل سلالة خيول أصيلة ساهم في تحسينها، وكل شاب عرف معنى العطاء من مجالسته.
رغم صرامته المعهودة في ساحات التدريب وميادين السباقات، عُرف الشيخ مطلق بن مشرف بتواضعه وحنانه الأبوي تجاه كل من عمل معه، ولم يكن يمر يوم إلا ويُسمع صوته في الإسطبلات، يواسي هذا، أو يشجع ذاك، أو يروي قصة من ماضيه المليء بالدروس، وظل وفيًا لقيمه حتى آخر لحظة، وكان يعتبر أن أكبر انتصار في حياته ليس الفوز في السباقات، بل في صناعة جيل يحترم الخيل، ويصون التراث، ويتنفس الفروسية كقضية وجود وهوية.