بيع سندات أمريكية بتريليون ونصف دولار وشراء الذهب
في خطوة تُعد واحدة من أخطر التحركات الاقتصادية في العقد الأخير، بدأت الصين بتنفيذ خطة استراتيجية بعيدة المدى قد تُغيّر ملامح الاقتصاد العالمي؛ حيث شرعت فعليًا في بيع حيازاتها من السندات الأمريكية والتي تبلغ قيمتها ما يقارب 1.5 تريليون دولار، وتوجيه هذه السيولة الهائلة نحو شراء الذهب وتكديسه في خزائن البنك المركزي الصيني.
التحرك الصيني لم يكن مفاجئًا تمامًا، لكنه يحمل في طياته رسائل سياسية واقتصادية عميقة. فمنذ سنوات، والصين تعلن عن نيتها تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي في تعاملاتها التجارية والاحتياطية، لكن ما يحدث الآن يُعد أول تطبيق فعلي بهذا الحجم.
تزامن ذلك مع تقارير دولية أفادت بأن بنك الشعب الصيني زاد وتيرة شراء الذهب للشهر السابع عشر على التوالي، لتصبح الصين أكبر مشترٍ للذهب في العالم خلال العامين الماضيين.
الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا تاريخيًا في أوقات الأزمات والتقلبات الاقتصادية. وبالنسبة للصين، فإن تراكم الذهب ليس فقط خطوة مالية بحتة، بل هو تكتيك استراتيجي لفك الارتباط بالدولار الأمريكي وتحقيق نوع من الاستقلال النقدي في ظل توترات جيوسياسية وتجارية متصاعدة مع واشنطن.
ويرى محللون أن هذه التحركات تهدف أيضًا إلى دعم اليوان الرقمي كبديل محتمل في التجارة الدولية، بدلاً من الدولار، وخاصة في التعاملات مع دول “بريكس” ومبادرة “الحزام والطريق”.
المخاوف الأمريكية تتزايد من هذه السياسة، حيث يُنظر إلى الصين بوصفها ثاني أكبر دائن للولايات المتحدة. وفي حال استمرت بكين في التخلص من السندات بهذا الحجم، فإن ذلك قد يؤدي إلى رفع عوائد الخزانة الأمريكية، وبالتالي زيادة تكلفة الاقتراض الأمريكي، مما يضغط على الاقتصاد الأمريكي بشدة.
كما أن زيادة الطلب الصيني على الذهب قد ترفع أسعاره عالميًا، وتخلق موجة جديدة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية، لا سيما إذا تبعتها دول أخرى بنفس النهج، كروسيا، والهند، ودول الخليج.
حتى الآن، لم يصدر رد فعل رسمي حاد من واشنطن، لكن أوساط المال في وول ستريت بدأت تُحذر من “تسونامي صيني صامت” قد يقلب موازين القوة الاقتصادية في العالم خلال السنوات المقبلة.
في المقابل، ترى بعض التحليلات أن هذه الخطة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للصين نفسها، إذ إن التخلص من السندات بكميات كبيرة قد يُفقدها جزءًا من قيمتها السوقية، ناهيك عن أن الذهب أصل غير مُدر للدخل.